المفكرة. كيف تنمّي تواصلاً فعّالاً في شركتك ومع فريق متعدد الخلفيات الثقافية
لو خرجت من ضباب الحرب سالماً، فقد أبليت حسناً

لغة القيادة هي فن التواصل.جون هيومز

التواصل الواضح سلعة نادرة في الشرق الأوسط، وهو إشعار بالخطر بالنسبة لرؤساء الأعمال.
التواصل الواضح من الأهم الأمور في عالم الأعمال، ولكن وحتى الآن تعاني العديد من الشركات في الشرق الأوسط مما نسميه (ضباب الحرب)، فما هو؟ وكيف نكتشفه مبكراً؟ وكيف نمنعه من الحدوث مسبباً ضعفاً في أداء العمل؟
دعوني أبدأ بسرد قصة الخطوط الزرقاء.
في يوم من أيام العمل في شركتي كنت أُطلع مدير الإنتاج حول رغبتي في وضع تجليد مخطط لغرفة إجتماعاتنا. ولجعل الأمور أسهل، قمت بعمل تصميم بسيط لمساعدته على تصور ما أريده، فقد لونت الزجاج باللون الأزرق التدريجي وكان على التجليد خطوط بيضاء قاتمة اللون نوعاً ما فوق اللون الأزرق المتدرج. كان ذلك تمثيل للشكل النهائي للعمل المطلوب، أو كما اعتقده.
جلست بعدها مع مدير الإنتاج وتناقشت معه حول العمل وقمت بشرح رسوماتي وأشرت إلى المكان لامساً الحائط الزجاجي لغرفة الإجتماعات لأريه الوضعية المطلوبة مقارنةً بالصور المرسومة. ومن خلال محادثنا أحسست بالإطمئنان بأن التجليد سيكون موافقاً تماماً لمواصفاتي التي وضعتها.
بعد عدة اجتماعات لاحقة تناقشنا من خلالها حول التصميم والتكلفة وغيرها من الأمور، قال مدير الإنتاج: “ستكون الخطوط الزرقاء في قمة الروعة”، سئلته عما يعنيه بالخطوط الزرقاء وبعد اكتشاف سوء الفهم وعدة مناورات في الحديث قمت وأخيراً بالتأكد من أنه فهمني وما كانت تعنيه رسوماتي التصويرية.
تعلمت درساً مهماً جداً في أساليب الفهم في الشرق الأوسط، لا ترفع آمالك كثيراً.
شركات قليلة في الشرق الأوسط لديها تواصل ممتاز
من الأمور التي تراها من خلال العمل في الشرق الأوسط هو الحيرة التي تسود المكان، حيث ترى الغموض وعدم التيقّن في كل يوم وفي كل قرار. ففي البداية، ستظن بأن شركتك هي الوحيدة في الشرق الأوسط المليئة بالحيرة والشك في فهم الأوامر ولكن وبعد فترة وجيزة وبعد الاختلاط بشركات أخرى، ستلحظ أن الغموض وعدم التيقّن وسوء التوجيه والحيرة متفشيةٌ في منطقة الخليج بأكملها.
يعتبر ذلك مخيباً للآمال ومحبطاً للجميع، حيث يعتبر مزعجاً للعملاء ومقلقاً جداً بالنسبة لرؤساء الأعمال. إن خطأً في طلبية قهوتك، أو حتى طبق ناقص في غدائك هو إحباط بحد ذاته يمر به الكثيرون يومياً، ولكن بالنسبة لروّاد الأعمال الذين يحاولون أن يمضوا قدماً بأعمالهم، فهذه الحيرة اليومية هي من المصاريف الصعبة التي لا يمكنهم تحملها.
كيف تؤثر اللغويات في التواصل الفعّال
تلعب اللغويات دوراً هاماً في موضوع سوء الفهم الذي يسود المنطقة، فقد وجدنا أن الجميع في الشرق الأوسط يتكلمون مستخدمين لغات أخرى بينما تعتبر اللغة الإنجليزية اللغة المتداولة في كل مكان وخصوصاً في العمل. أن فهم أي شخص للغة أخرى يعتمد كلياً على الترجمة، فكل الأوامر والتوجيهات يتم ترجمتها ويمكن أن يحصل الكثير من الأخطاء في تلك العملية، فعلى سبيل المثال، حاول تلقين شخص ما رقم هاتف من ١٣ خانة، كم من مرة ستقوم بإعطائه المعلومات؟ كم مرة تحتاج حتى يستقبلها تماماً؟ إذا كانت معلومات بسيطة مثل رقم هاتف أو إيميل تحتاج لأكثر من مرة، تخيل شرحاً كاملاً لعمل مهم داخل شركتك، حيث ستبدأ بتوقع سوء الفهم من قبل الأشخاص متكلمي اللغة نفسها، وأضف إليها الترجمة أيضاً.
كيف توثر العبارات المجازية سلباً في التواصل الفعّال
من المعضلات اللغوية التي يجب أن ينتبه لها الناطقون باللغة الإنجليزية هي الاستخدام المتكرر للتعابير المجازية، فهي جمل مجازية إنجليزية تستخدم حصرياً من قبلهم ولا يسهل لمتعلمي اللغة الإنكليزية فهمها بسهولة. “Raining Cats and Dogs” على سبيل المثال هي جملة تعبير مجازي وتعني حرفياً “تمطر قططاً وكلاباً” ولكن عندما يقولها شخص ناطق باللغة الإنجليزية فهو يعني أنها “تمطر بغزارة”. وعندما يقول “Let’s be clear about this” فإنها مفهومة لشخص يتحدث الإنجليزية بطلاقة، أما بالنسبة لشخص مبتدئ، فهي صعبة الفهم. وإذا قمنا بتقسيمها إلى كلمات طبيعية وغير مجازية فستصبح “Lets become transparant about this” وهو ما لا يعنيه المتحدث حرفياً.
التواصل الفعّال والعبارات المجازية
إن مشاكل سوء الفهم كثيرة ومتشعبة فهي من منطلق لغوي وثقافي في نفس الوقت. يميل العرب بشكل عام إلى عدم التأكد من الأمور، لأن سوء الفهم بالنسبة لهم يدل على الضعف. أما بالنسبة إلى الأشخاص من آسيا، وخصوصاً أولئك من أشباه القارات الهندية، فيعتقدون أن القيام بسؤال مديرهم في العمل هو قلة احترام. إن الناطقين باللغة الإنكليزية كلغتهم الأم مثل مواطني أمريكا، وكندا، وجنوب أفريقيا، وأستراليا، ونيوزلندا، وبريطانيا سيفرضون إيماءة بالرأس دليلاً على الفهم الكامل من قبل المستقبل للمعلومات وليس إعادة تلقين المعلومات لأنه ذلك ثقافياً يعني أن المستمع لديه بطء في الفهم والاستيعاب أو لديه نوع من الغباء. وأخيراً يأتي دور الفلبينيين، فعقليتهم لديها مراوغاتها الثقافية الخاصة، فيهدف الموظف الفلبيني إلى إسعادك بغض النظر عن الظروف، فإذا لم يستمع بشكل صحيح، فتلك ليست بمشكلة طالما تبدو عليك السعادة ولم تظهر أي تعابير إستياء من النتائج.
قم بجمع تلك المشاكل الثقافية واللغوية معاً وستحصل على السبب الرئيسي والأول لعدم التوازن. ومن هنا نستطيع تفهم رؤساء الأعمال في الشرق الأوسط وشكواهم من عدم تمكن فرق عملهم من فهمهم بالشكل السليم. فهل من وسيلة نجاة؟ لقد قمت بالتفكير في بعض الأمور وتلخيصها والتي ستعمل على التقليل من الحيرة وسوء الفهم في شركتك:
بعض النقاط من أجل تواصل فعّال في بيئة العمل:
-
قلل من توقعاتك للفهم، فإذا كان بمقدور مستقبل المعلومات فهم ٣ تعليمات من أصل ٥ بشكل دقيق من أول مرة، فأنت تبلي جيداً. قم بالمتابعة بين الفينة والأخرى.
-
ضع آداب اللياقة الثقافية الخاصة بموظفك في الحسبان وكيف يتعامل مع سوء فهم تعليمات مديره.
-
تذكر دائماً أننا جميعاً نتعامل بلغة أجنبية بالنسبة لهم، ولذلك استخدم لغة بسيطة خالية من التعابير المجازية. قم بشرح ما قلته بأكثر من طريقة. إذا احتجت لاستخدام بعض الكلمات الصعبة، قم بشرح معانيها وشجّع موظفك على تملك فهمه الخاص لتلك المصطلحات.
-
أطلب من فريقك إعادة ما طلبته منهم بكلماتهم الخاصة لشرح ما تم طلبه منهم بدلاً من أن تقوم بإعادة شرح طلبك لهم مراراً وتكراراً وذلك إلى أن يتمكنوا من فهم جميع النقاط المطلوبة بالشكل السليم وبطرق ذات معنى لهم.
-
قم بتذكير فريقك أنه لا بأس من عدم الفهم وشجعهم على قول: “المعذرة، ولكن لم أفهم آخر شيء قلته، هل يمكنك إعادة صياغته لي مرة أخرى؟”.
-
إذا فشلت محاولاتك، فلا تيأس بل ابتسم وأعد المحاولة مرة أخرى.

المفكرة. العلامات التجارية الرائدة تستفيد بشكل كبير من علاقتها طويلة الأمد مع الفريق الإبداعي.

المفكرة. رؤية صادقة في جعل البحرين علامة مميزة

المفكرة. لماذا تفشل القيم الجوهرية للعلامات التجارية؟
